الصفحة الرئيسية  قضايا و حوادث

قضايا و حوادث 104 داخل السجون و700 لدى داعش: تونسيات إرهابيات.. من هنّ؟ ما هي مهامهن؟ وكيف تمّ استقطابهن؟

نشر في  27 ماي 2015  (11:58)

أكثر من 100 امرأة تونسية يقبعن وراء القضبان على خلفية قضايا مرتبطة بالارهاب، وأكثر من 700 تونسية التحقن بصفوف داعش 300 منهن مقاتلات في سوريا.. أرقام مفزعة تم الكشف عنها مؤخرا تدفعنا الى التوقف عندها لمعرفة حقيقة ما يحصل وكيف يتحوّل الجنس الناعم الى خطر على المجتمع؟، وكيف تتمّ عمليات استقطابهن؟ وماهي المهام التي توكل الى النساء في المجموعات الارهابية؟ من هنّ ومن أي بيئة ينحدرن؟ أسئلة كثيرة حملناها وطرحناها على رئيسة المركز التونسي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بدرة قعلول.

عمليات الاستقطاب

ذكرت الدكتورة بدرة قعلول أن المرحلة الأولى للاستقطاب في تونس كانت عبر المساجد وتسمّى بجهاد المساجد، ثم انتقلت المجموعات الارهابية الى الخيم والدعوات والحلقات والجمعيات الخيرية قبل أن تتحوّل مؤخرا الى الانترنات حيث باتت تخاطب الشباب بلغتهم وتفسح لهم المجال للتساؤل والتواصل ومنحهم الوعود، وأضافت محدثتنا أن الوضع الحالي في تونس خارج عن السيطرة تماما عكس ما تدعيه وزارة الداخلية والدفاع والشؤون الدينية على حدّ تعبيرها .

العنصر النسائي

وبخصوص عمليات استقطاب العنصر النسائي داخل المجموعات الارهابية، أكدت الخبيرة الأمنية والعسكرية بدرة قعلول في حوار لأخبار الجمهورية أن نسبة العنوسة في تونس مرتفعة جدا، اضافة الى ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الاناث، كما أكدت محدثتنا أن المرأة التونسية تعاني من مفارقة كبيرة: حريّة منحها اياها المجتمع في الظاهر في حين مازال مجتمعها تقليديا وذكوريا وصاحب نظرة دونية للمرأة خاصة في الجهات الداخلية، مجتمع يمارس على المرأة هرسلة اجتماعية يومية، وغير متسامح معها، وبالتالي تجد هذه المرأة المضطهدة نفسها تبحث عن بديل وتكون بذلك عرضة للاستقطاب ..
 وأكدت بدرة قعلول أن المرأة التونسية تتكفل بعديد الأدوار في التنظيمات الارهابية على غرار التجنيد والدعاية والتمريض والتنسيق ونقل المعلومة وايصال المؤونة والسلاح كما تستقطب المزيد من النساء مشيرة الى أن الارهابية عادة ما تستدرج النساء عبر «الحمام والمأتم»، مضيفة أن المرأة التونسية ذات مكانة عالية في تنظيم داعش وفاعلة وتوجد في الصفوف الأولى وتسهر على حفظ الأمن في سوريا على سبيل المثال، كما أكدت أن التحاق التونسية بجهاد النكاح في سوريا قليل جدا، وأن المرأة لا تشارك في العمليات القتالية (لا خير في أمة تقودها امرأة).
وذكرت رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية أن هناك أكثر من 700 تونسية اليوم في صفوف تنظيم داعش وهو رقم مفزع ومريب، مبينة أن هذا العدد الكبير  يعود لاصطحاب الرجال الملتحقين بالتنظيم لنسائهم أو ذهاب الرجال ثم التحاق زوجاتهم بهم أو ذهاب النساء بمفردهن للجهاد بعد استدراجهنّ من طرف شبكات خاصة.
أما في تونس، فينحصر دور المرأة الارهابية في الاستقطاب والتنسيق والاتصال والتواصل والمدّ اللوجيستي، مشيرة الى أن المرأة سجّلت حضورها في كل العمليات الارهابية التي شهدتها البلاد على غرار حادثة شباو بواد الليل وحادثة باردو، وأفادتنا بدرة قعلول أن المراة التونسية مدربة على حمل السلاح وتبيّن ذلك من خلال مشاركة الارهابية فاطمة الزواغي في أحداث وادي الليل..

من هنّ الارهابيات؟

وأكدت بدرة قعلول أن التونسيات المتورطات في الارهاب، لسن كلهن جاهلات بل فيهن المثقفات ومن صاحبات الشهائد العليا، وهناك من اجتازت امتحان الباكالوريا بمعدل 19/20 ..مؤكدة أنهن ينحدرن من طبقات اجتماعية مختلفة، فمنهن من تنحدر من عائلة فقيرة وهناك من تنتمي الى عائلة ميسورة الحال، ومن أبرز الارهابيات نجد، فاطمة الزواغي وهي تقني سامي في الاعلامية ولها علاقات مع عناصر ارهابية خارج التراب التونسي وأسماء البوخاري وأمينة العامري وايمان العامري وهند السعيدي و بية بن رجب وأم البراء التي انخرطت في جهاد النكاح وعمرها 13 سنة وكذلك أم أسماء ولمياء التونسية. وذكرت محدثنا أن حادثة غريبة جدت مؤخرا وتتمثل في اقدام احد الارهابيين على تزويج ابنته من داعشي رغم انها لم تتجاوز الـ 9 سنوات من عمرها.


104سجينة ارهابية

وفي الاطار ذاتهأ كدت بدرة قعلول أن ال104 سجينة ارهابية داخل السجون التونسية يمثلن مصدر ازعاج شديد، مضيفة أنهن موزعات على حوالي 5 وحدات سجنية على كامل تراب الجمهورية، وذكرت محدثتنا أن الارهابيات وخاصة الخطيرات منهن موجودات في غرف معزولة عن سجينات الحق العام، مع العلم أنه تم مؤخرا نقل الارهابية فاطمة الزواغي من سجن النساء بمنوبة الى سجن صفاقس، وذلك لما تمثله هذه المرأة من خطر، اضافة الى أنها على صلة بالوثيقة المسرّبة والتي كانت تحتوي على معلومات خطيرة من الارهابي كمال زروق حول كيفية اقتحام سجن منوبة في 6 دقائق.

أسباب انتشار الارهاب في تونس

واكدت بدرة قعلول لأخبار الجمهورية أنه لا بدّ في هذه المرحلة من دق نواقيس الخطر، خاصة بعد أن صارت تونس تحتل مراتب متقدمة في تصدير الارهابيين، مشيرة الى أن الاحصائيات الأخيرة لا تبشّر بخير حيث يوجد بتونس اليوم قرابة 1200 شخص ممنوع من السفر و1125 موقوفا مشتبها فيهم بالضلوع في أعمال ارهابية، وأضافت محدثانا أن هذه الاحصائيات تؤكد أننا في حاجة اليوم الى وقفة تأمل ودراسات اجتماعية ونفسية لمعرفة ماذا يحصل داخل المجتمع التونسي وما هي التغيرات التي طرأت عليه بعد الثورة ودراسة ملامح الشخصية التونسية التي شهدت تحوّلا جذريا نتيجة تغيّر القيم.
وأكدت بدرة قعلول أن التونسي تخلّى اليوم عن قضاياه الرئيسية التي طالب بها منذ 5 سنوات لتصبح اهتماماته منحصرة في النقاب والحجاب والصلاة والجهاد خارج بلاده وفي الخلافة الاسلامية وهذا مؤشر على أن التونسي بات مقتنعا بأن الحلول انعدمت في بلاده ليخيّر السفر بحثا عن مرجعيات جديدة، مضيفة أن تونس لم تشهد ثورة بل حراكا مجتمعيا وأن الثورة الحقيقية ستكون مدمرة وستأتي قريبا جدا على الأخضر واليابس .
كما ذكرت بدرة قعلول أن الكبت الذي كان يعاني منه التونسي لسنوات خلت يعدّ من الأسباب الرئيسية لهذا التسيّب الحاصل ولانتشار وتوغّل الارهاب .
وأشارت بدرة قعلول الى أن من كان يقتل ويحرق ويدمّر ويحمّل فكرا متطرّفا عاد بعد الثورة ليحتلّ أعلى المراتب في البلاد ويصبح بالنسبة للشباب المحبط والمهمش والمقصى عبارة عن  مرجعية، و أن حركة النهضة ونتيجة لتساهلها في مرحلة معينة من تاريخ تونس كانت السبب الرئيسي في انتشار الفكر المتشدّد وحمّلتها محدّثتنا المسؤولية التاريخية في ما وصلت اليه بلادنا.
كما أفادتنا بدرة قعلول أن الفئات المهمشة والمفقرة والمعدمة والمعطلين عن العمل والشباب هي الحطب والوقود لاشعال فتيل هذه الحرب، وهي التي تكون عرضة للاستقطاب أكثر من غيرها، نتيجة الاقصاء الذي تعاني منه داخل المجتمع الذي عادة ما يكبّل هذه الفئات بقواعد معينة وبقوانين على غرار التشريعات المتعلقة بالدين والمجتمع وبالتالي تبحث هذه الأخيرة عن حاضن آخر وبديل، نتيجة هشاشة شخصيتها. وتلجأ الى الفئة الثانية المتطرّفة التي تغرقها بالوعود والأحلام رغم أن قوانيها أكثر صرامة ووحشية، لكنها تشعر بأهميتها وقيمتها وهو ما يجعلها ترتمي في أحضان الارهاب.
وفي نفس السياق بيّنت بدرة قعلول أن الفئات التي يسهل التأثير فيها سواء بالنسبة للذكور أو الاناث هي التي تتراوح أعمارها بين 15 و25 سنة حسب ما أكدته كل الدراسات.

إعداد: سناء الماجري